تفيد عدة تقارير بأن قوات الأمن الإيرانية تضغط على عائلات القتلى خلال الاحتجاجات لإلغاء خططهم لإقامة مراسم عامة أو حتى خاصة بالذكرى السنوية لذويهم.
يذكر أن عائلة يلدا آقا فضلي، الفتاة الصغيرة التي توفيت في ظروف مريبة بمنزلها في 11 نوفمبر من العام الماضي في طهران، بعد خمسة أيام من إطلاق سراحها من السجن، هي من بين العائلات التي ألغت خططها للمراسم الخاصة والعامة دون أي تفسير.
وأعلن والد يلدا، مهرداد آقا فضلي، في منشور على موقع إنستغرام يوم الخميس، أنه تم إلغاء جميع الخطط لإحياء ذكرى ابنته، يوم الجمعة، والتي أعلن عنها سابقًا.
وبحسب تقارير وسائل التواصل الاجتماعي، منعت قوات الأمن يوم الجمعة عائلة يلدا من الوصول إلى المقبرة حيث دُفنت الفتاة الصغيرة. ولم يتمكن عدد قليل من أفراد الأسرة وبعض المؤيدين من زيارة القبر إلا بعد حلول الليل، وقد أضاؤوا الشموع لها بعد مغادرة قوات الأمن.
وكانت الفتاة البالغة من العمر 19 عامًا، والتي ألقي القبض عليها خلال الاحتجاجات في طهران 26 أكتوبر(تشرين الأول)، قد أضربت عن الطعام في سجن قرتشك سيئ السمعة وتم إطلاق سراحها في 6 نوفمبر(تشرين الثاني). وقالت إنها فخورة بأنها لم تستسلم للضغوط للاعتراف بارتكابها أي مخالفات، أو الندم على المشاركة في الاحتجاجات رغم تعرضها للضرب.
وبعد وفاتها، زعمت السلطات أن سبب الوفاة كان "جرعة زائدة من الميتا أمفيتامين". ودُفنت في مقبرة بهشت زهراء بطهران تحت إجراءات أمنية مشددة للغاية في اليوم التالي.
وظهر في وقت لاحق على وسائل التواصل الاجتماعي ملف صوتي لمحادثتها مع صديق بعد إطلاق سراحها من السجن - قالت فيه بسعادة إنها فخورة بأنها لم تنكسر تحت الضغط في السجن - ما أثار الشكوك حول تفسير السلطات لوفاتها أو انتحارها.
وتعرضت الأسرة لضغوط كبيرة منذ وفاتها من قبل أجهزة الاستخبارات. وقام مجهولون بتخريب قبرها عدة مرات وكسروا صورتها الحجرية المنقوشة فوقه.
وتفيد التقارير أن ما لا يقل عن أربعة متظاهرين شباب آخرين مسجونين انتحروا في غضون أيام قليلة بعد إطلاق سراحهم من السجن العام الماضي وهم: مريم أروين في سيرجان، وأرشيا إمامقلي زاده في جلفا، ومينا يعقوبي في أراك، وعباس منصوري في شوش.
كما تعرضت عائلة بيرفلك أيضًا لضغوط مماثلة بشأن إقامة مراسم الذكرى السنوية لابنها كيان البالغ من العمر تسع سنوات، والذي أثار مقتله في 15 نوفمبر 2022، في إيذه بجنوب إيران، غضبًا على مستوى البلاد، ما أكسب النظام لقب “قاتل الأطفال”.
واضطرت عائلة الطفل لإقامة الحفل وسط إجراءات أمنية مشددة الأسبوع الماضي، قبل أسبوع من الذكرى الفعلية. ومنعت قوات الأمن العديد من الذين حاولوا الحضور عن طريق إغلاق الطريق.
وقد نشر والد كيان، مقطع فيديو للحفل البسيط والذي يظهر فيه وهو جالس على كرسي متحرك ووالدة كيان، وعدد آخر من الأشخاص، ينتحبون حول قبره.
وتم إطلاق النار على كيان عدة مرات في سيارة العائلة خلال ليلة من الاحتجاجات. كما أصيب والده ميثم بجروح خطيرة وأصبح مقعداً على كرسي متحرك منذ الحادث.
وقد أصبحت والدة كيان، زينب (ماه-منير) مولايي راد، رمزًا وطنيًا للمقاومة بعد أن ألقت خطابًا ناريًا أثناء دفن ابنها نقلت فيه رسالة احتجاج قوية ضد المرشد الأعلى علي خامنئي، والذي تقول إنه المسؤول المباشر عن مقتل ابنها.
وازدادت مشاكل الأسرة المتحدية سوءًا عندما أطلقت قوات الأمن النار على ابن عم كيان، بويا مولايي راد، البالغ من العمر 18 عامًا، في 11 يونيو(حزيران) بينما كان يحاول كسر الطوق الأمني في قرية بارشيستان، موطن العائلة، للوصول إلى قبر كيان لإحياء ذكرى عيد ميلاده العاشر.
وبعد وفاته، رفضت قوات الأمن لعدة أيام إطلاق جثته لدفنها، حيث طالبت والدة كيان وأفراد الأسرة الآخرين بالصمت على وسائل التواصل الاجتماعي.
وفي الأشهر القليلة الماضية، ظلت والدة كيان، التي كانت نشطة للغاية على وسائل التواصل الاجتماعي، صامتة ونادرا ما تظهر في الأماكن العامة.
ومنذ سبتمبر(أيلول) 2022، عندما اندلعت احتجاجات واسعة النطاق مناهضة للنظام، قتلت قوات الأمن أكثر من 500 مدني وأصابت المئات بجروح خطيرة. وتم استهداف العديد من المتظاهرين الشبان بطلقات نارية في الوجه وفقدوا إحدى عينيهم أو كلتيهما.