حذر رئيس لجنة الطاقة في غرفة التجارة الإيرانية، آرش نجفي، من أن نقص الغاز الطبيعي لا يؤثر على العديد من القطاعات فحسب، بل يهدد أيضًا حقول النفط الإيرانية.
وأكد نجفي أنه من دون إعادة ضخ الغاز في حقول النفط، قد تتوقف بعض الحقول عن الإنتاج، مما يؤدي إلى خسائر اقتصادية كبيرة لقطاع النفط في البلاد.
وتشير التقارير الصادرة عن وزارة النفط الإيرانية وإدارة معلومات الطاقة الأميركية إلى أن 80 في المئة من إنتاج النفط الإيراني يأتي من الحقول القديمة التي تراجع الضغط عليها، مما أدى إلى انخفاض الإنتاج السنوي بنسبة 8 إلى 10 في المئة.
ولمنع حدوث انخفاض سريع في إنتاج النفط، تحتاج إيران إلى إعادة ضخ ما يقرب من 300 مليون متر مكعب من الغاز يوميًا في مخزوناتها النفطية القديمة. لكن أحدث البيانات الرسمية المتوفرة تشير إلى أن إعادة حقن الغاز اليومي الفعلي في عام 2018 كان أقل من 37 مليون متر مكعب. ولا بد أن الوضع قد تدهور أكثر في السنوات الخمس الماضية، مع الانخفاض السريع في إنتاج الغاز.
إلى ذلك، ذكرت وكالة أنباء "فارس" شبه الرسمية في يونيو (حزيران) 2023 أنه يتم إعادة حقن 10 في المائة فقط من الغاز المطلوب في الحقول القديمة حاليًا، مما يعكس انخفاضًا كبيرًا في إعادة حقن الغاز، إلى أقل من 30 مليون متر مكعب يوميًا. ويشكل هذا العجز تهديدا خطيرا لإنتاج النفط الإيراني، وهو ما يتطلب اهتماما عاجلا لتجنب التداعيات الاقتصادية.
ووفقاً لتقديرات مركز الأبحاث التابع للبرلمان، ووزارة النفط، فقد ضخت إيران نحو 70 مليون متر مكعب يومياً في حقولها النفطية، خلال العقود الثلاثة الماضية. ولذلك، انخفض معدل إعادة الحقن بشكل حاد منذ عام 2015.
يشار إلى أن إنتاج الغاز الإيراني يتراجع بسبب عقود من قلة الاستثمارات والافتقار إلى التكنولوجيا الغربية لزيادة عمليات الاستخراج في حقول الغاز الرئيسية تحت المياه الخليجية. وقد حالت سنوات من العقوبات المختلفة وسوء الإدارة دون إجراء التحديثات اللازمة لمنصات الغاز.
وهذا التراجع مثير للقلق، نظراً للحاجة المتزايدة لإعادة حقن الغاز للحفاظ على مستويات إنتاج النفط، والتي من المفترض أن تصل إلى حوالي 300 مليون متر مكعب في اليوم بسبب دخول المزيد من الحقول إلى النصف الثاني من عمرها الافتراضي منذ عام 2005.
وحاليا، يبلغ متوسط حقن الغاز اليومي في هذه الحقول أقل من 30 مليون متر مكعب في اليوم. ولا يؤدي حقن الغاز غير الكافي إلى انخفاض إنتاج النفط فحسب، بل يترك أيضًا جزءًا كبيرًا من احتياطيات النفط غير قابل للاسترداد بشكل دائم.
وعلى سبيل المثال، تتمتع حقول النفط الإيرانية التي تحتوي على 650 مليار برميل من احتياطيات النفط، بمعدل استخراج يبلغ حوالي 20 في المائة، مما يعني أنه يمكن استخراج 20 في المائة فقط من النفط في ظل الظروف العادية. على مدى العقدين الماضيين، حيث إن إعادة حقن الغاز بمقدار 70 مليون متر مكعب في اليوم و250 ألف برميل من المياه قليلة الملوحة، أدتا إلى زيادة معدلات الاستخراج من حقول النفط الإيرانية من 20 إلى 24 في المائة، مما يعني أن احتياطيات النفط الإيرانية القابلة للاستخراج تبلغ 156 مليار برميل.
ومع إعادة حقن الغاز بشكل كافٍ، يمكن أن يصل هذا المعدل إلى 27-28 في المائة، مما قد يضيف حوالي 20 مليار برميل إلى احتياطيات النفط الإيرانية القابلة للاستخراج. وبالنظر إلى قيم السوق الحالية، فإن قيمة هذا النفط الإضافي ستبلغ أكثر من 1.5 تريليون دولار.
ولم تحاول إيران التعويض عن انخفاض إنتاج النفط إلا من خلال حفر المزيد من الآبار وتطوير حقول نفط جديدة على مدى العقدين الماضيين.
ومع ذلك، بعد عجز الغاز في الشتاء الماضي بمقدار 250 مليون متر مكعب في اليوم، أي بزيادة 50 مليون متر مكعب في اليوم عما كان عليه في عام 2020، فمن المتوقع أن يشهد هذا الشتاء عجزًا في الغاز يبلغ حوالي 300 مليون متر مكعب في اليوم.
وتحتل إيران، التي تمتلك 33 تريليون متر مكعب من احتياطي الغاز، المرتبة الثانية عالميا بعد روسيا. ويبلغ إنتاجها السنوي من الغاز حوالي 260 مليار متر مكعب، منها 18 مليار متر مكعب تصدر إلى تركيا والعراق. وبسبب نقص الغاز واستمرار صادراته، شهد استهلاك المنتجات النفطية المحلية في إيران زيادة تقارب 10 في المائة العام الماضي.